اللغات وعولمة السياحة
الإثنين يوليو 04, 2011 8:46 pm
في بداية سنة 2006 ستضاف اللغة الألمانية إلى جملة اللغات التي تطبع بها
"السياحة الإسلامية" ولتصدر المجلة بخمس لغات، هي العربية والإنكليزية
والفرنسية والأسبانية والألمانية. وسيسبقها في ذلك موقعها الألكتروني في
النشرة الإخبارية الأسبوعية حيث ستضاف نشرة إخبارية جديدة بالألمانية، بعد
أن صدرت باللغات الأخرى. لا بد للقارئ المتأمل وخاصة من ذوي الاختصاص
والاهتمام في المجالات التراثية والحضارية والعلمية والاقتصادية والإعلامية
أن يتساءل كيف تكونت الفكرة وكيف نفّذت ووصلت إلى ما وصلت إليه: أن تصدر
مجلة مهنية سياحية ثقافية تراثية اقتصادية عالمية الاهتمام والنشر بلغات
خمس، والقطار سائر بعون الله ولم يقف عند هذا العدد فقط، وهي رائدة في
اسمها وهيكلتها ومعانيها ولغاتها وغيرها مما تنفرد فيه.
ومجلة السياحة الإسلامية كما جاء أعلاه ليست كل شيء بل هي الماكنة التي تجر
خلفها سلسلة من العربات، كل عربة منها محملة بأفق جديد من آفاق الإعلام
والإعلان المبتكرة. ويأتي على رأسها موقعها الألكتروني الذي تميّز بتفرع
أبوابه للإجابة على كل سؤال في حقول السياحة والسفر العالمية، بالإضافة إلى
كونه واسطة للتعريف بالمعالم السياحية في مختلف دول العالم ونشر الأخبار
الأسبوعية لكل ما يحدث في عوالم السياحة بخمس لغات أيضاً والتي هي في مطبخ
البحث والإعداد لها من قبل الناشر ورئيس إدارة شركة TCPH Ltd والقائمين
بتنفيذها.
وصدور مجلة السياحة الإسلامية كان مفاجأة لكل ذي بصيرة واهتمام وموضع
تقدير، وكانت أيضاً محل اعتزاز وافتخار الناشر، لأنها حققت له هذه الأمنية.
وقد برزت بلغتين متساويتين وبحلتها المتطورة التي هي الآن بين أيديكم.
ويمكن الاطلاع على جميع الأعداد، من أول عدد والذي صدر في خريف 2001 إلى
آخر عدد، على موقع المجلة الإلكتروني مجاناً www.islamictourism.com .
في صيف 2004 كانت المفاجأة الثانية حيث صدر العدد الثاني عشر أيضاً بنفس
الحلة باللغة الفرنسية والعربية، وبعد نجاح التجربة الثانية لم تعد مفاجآت
بل كان المطلوب هو الإقدام والجد في السير على هذا الطريق. ونتيجة لذلك،
ومنذ بداية سنة 2005 صدرت المجلة باللغتين الأسبانية والعربية. وها إننا
الآن على أبواب السنة الخامسة من عمرها ونحن بانتظار إصدار السياحة
الإسلامية باللغتين الألمانية والعربية في بداية 2006 لتصبح بخمس لغات.
المغرب بداية الطريق
السؤال المهم كيف، ومن أين، بدأ إصدار مجلة مستنسخة من الطبعة الأصلية
العربي/ الإنكليزي لتستنسخ في طبعة فرنسية/عربية كما تستنسخ المخلوقات
اليوم؟
كان المغرب هو المكان والزمان والسبب في إصدار النسخة الفرنسية/العربية حيث
صدرت عشرة أعداد من المجلة باللغة العربية والإنكليزية، وكانت السوق
المغربية من أوائل الأسواق التي جهزت لها وكانت توزع في المكتبات مع القسم
العربي من المطبوعات الأخرى، حيث لا يوازي المعروض منها غير 10% من مجمل
المطبوعات المعروضة التي تعتمد اللغة الفرنسية فكان تقديري بأن لا مكان
للطبعة الإنكليزية من مجلتنا في هذه السوق، فلا بد من العمل على طبعة أخرى
فرنسية/عربية. وكان هذا يسيرا بالنسبة لي حيث إن تعرّفي على اللغات
الأجنبية له تاريخ طويل، وكان ذلك من أسباب تشجيعي على هذا العمل.
لقد بدأت رحلتي في تعلم اللغات منذ بداية الخمسينيات عندما التحقت بالمعهد
الأمريكي في بغداد، وكان موقعه قرب موقع محل عملي في باب الآغا. وكنت أترك
المحل، بالرغم من زخم إقبال الزبائن خلال تلك الساعات، كي أحضر دروس تعلم
الإنكليزية، إلى أن تمكنت من المخاطبة والقراءة وشيء ما من الكتابة بها.
وقد تعلمت أيضا شيئا من اللغات الشرقية، فقد زرت إيران ثلاث مرات لقضاء
فترة الصيف في 1949، 1953 و1968 وقد أكسبتني هذه السفرات شيئا من اللغة
الفارسية حيث إنها قريبة من اللغة العربية بالإضافة إلى توفر فرص ممارستها
في ذلك الوقت.
وكان اكتشافي الأكبر للغات ولقابليتي في تعلمها عندما بدأت زياراتي إلى
أوربا، منذ نصف قرن، حيث تلقيت سنة 1955 دعوة من شركة باير Buyer الألمانية
لدورة تدريبية في كيمياء صناعة المطاط لمدة ثلاثة أشهر. ومن ثم أخذت
الزيارات تتوالى وفترات الإقامة فيها تطول وتتطور وذلك لما تتطلبه أعمالي
الصناعية ومتابعاتي العلمية لتطوير مشاريعي في العراق. وكان حضور معارضها
المتخصصة وغيرها من الاتصالات لمقرات الشركات وورش عملها يحتاج إلى التخاطب
باللغتين الإنكليزية، التي تعلمتها سلفا، والألمانية التي بدأت بتعلمها في
المعاهد اللغوية المسائية وخلال علاقات العمل والعلاقات الشخصية.
لقد شجعني تعلم مفردات الكثير من اللغات الأخرى التي تكثر زياراتي لبلدانها
للتعامل معها في حقل عملي والتمتع بمعالمها وحضاراتها، وهي الإيطالية
والفرنسية والتشيكية مما سهل عليّ الحياة والتمتع في مختلف الدول، كما كان
للغات أفضل الأثر في نجاحي في حياتي العملية. أما اليوم فيمكنني القول أنني
أتمكن من التخاطب باللغات التالية: العربية والإنكليزية والألمانية
والفارسية.
ومما زاد في ممارستي للغات، هو خبراتي وتجاربي في الإعلام المهني حيث كنت
أصدر مجلتين مهنيتين عالميتين، هما "الحذاء" التي تعنى بالصناعات الجلدية
والأحذية، و"الرداء" التي تعنى بصناعات الغزل والنسيج والملابس، وكل واحدة
منهما كانت تطبع باللغتين العربية والإنكليزية، وكان لهما حضور متميز في
المعارض الدولية في اختصاصيهما.
ونتيجة لما جاء أعلاه صار لدي ولع في اللغات حيث قمت بإعداد وتمويل وترجمة
القاموس الدولي للجلود بست لغات، حيث أضفنا عليه اللغة العربية. وتعداد
كلمات هذا القاموس يناهز 5,500 كلمة.
اللغات والسياحة
ما هو دور وأثر هذه اللغات في تمتعي بأوقاتي السياحية؟
كنت عندما أنتهي من إنجاز أي عمل ولدي فراغ، أو خلال عطلات نهاية الأسبوع،
أبحث عن موقع سياحي أو مهرجان أو سفرات قصيرة في أيٍّ من الدول التي
أزورها. وكانت اللغات التي أعرفها، أو مفرداتها، تعطيني الشجاعة والثقة في
التخاطب مع الآخرين والتعرف على حياة هذه الشعوب ومجتمعاتها والتحسس
بمشاعرها، كما أنها تمكنني أيضا من التعبير عما أريد أن أقوله.
ومن اهتمامي باللغات قمت باصطحاب ولدي حيدر الذي كان يبلغ في حينها حوالي
12 سنة وقمت بتسجيله في دورات اللغة الفرنسية في إحدى قرى التعليم في فرنسا
خلال عطلات الصيف ولعدة سنوات.
الكفاءات
ومن العوامل الأخرى التي ساعدت على إصدار العدد الثاني باللغة العربية
والفرنسية هو توفر الكفاءات لدى القائمين على إصدار المجلة وتكوين موقعها
الألكتروني، وعلى رأسهم رئيس التحرير الدكتور عبد الرحيم حسن، والسيد رسول
الشهرستاني الاختصاصي في برامج المواقع الإلكترونية والسيدة إيمان عباس
التي تقوم بأعمال سكرتارية المكتب الرئيسي والمتابعة. وهناك العديد من
الممثلين والمشاركين المتطوعين في إغناء مواضيع المجلة وموقعها بالبحوث
والأخبار، لا سيما الآنسة كارين دابروفسكي التي تساعد في تحرير القسم
الإنكليزي والنشرة الأسبوعية بتلك اللغة.
ومن العوامل الفنية التي ساعدت في ذلك هو تجاوب ودور الأستاذ جوزيف الرعيدي
والعاملين معه في التصميم والطبع، وبالخصوص السيدين إلياس نحاس وميشيل أبو
عودة. وقد ذللوا كل الصعاب الفنية التي تعترض السير في هذا البناء اللغوي
العالمي المبتكر.
ومن العوامل المهمة أيضا، الحضور الدائم للمجلة وممثليها، وعلى رأسهم
الأستاذ معتز عثمان، في المعارض الدولية المتخصصة في السياحة والسفر والتي
تتجاذب في أطرافها مختلف اللغات، ممثلة بالدول المشاركة في هذه المعارض.
وأهم عامل من العوامل التي جعلتني أقوم بهذه المغامرة هو وجود مكتب كبير
ومنزل لي في أهم منطقة من مناطق وسط الدار البيضاء وهما من مخلفات فشلي في
مشروعي الصناعي الكبير المغلق الذي كان معروفاً بمنتجاته لكل صغير وكبير في
المغرب وجاوز حدود المغرب بمنتجاته، والذي كلفني خسائر كبيرة ومعاناة لا
توصف مما أثر في حياتي وتفكيري وجعلني أنفر من كل عمل وتعامل يعتمد المادة
والربح أساساً للنجاح. وكانت تسليتي الوحيدة هي هذه المجلة وبعض الكتب التي
كتبتها، فكيف لا أجعل منهما مناي وآمالي، حيث خطوت خطوات جريئة قبلها في
حقل الإعلام المهني الصناعي. وقد جعلت من المغرب وطنا آخر لي وامتزجت مع
آمال وطموحات أبناء شعبه العزيز، فتسعدني أفراحهم وتحزنني آلامهم. وفي
المغرب تتوفر الكفاءات في اللغة الفرنسية وغيرها.
طبعة فرنسية
وقد لعبت العوامل المذكورة أعلاه دوراً كبيراً في اتخاذ قراري بإصدار مجلة
السياحة الإسلامية باللغة الفرنسية/العربية كمجلة ثانية جنباً إلى جنب مع
أختها الإنكليزية/العربية. وقد قمت بالإعلان في الصحف المحلية عن الحاجة
إلى مترجم، فجاء عدد من الردود، ووقع الاختيار على أول المتصلين السيد نور
الدين سعودي الأستاذ في المعاهد العالية في الدار البيضاء وتم اختياره بدون
تردد وكان اختياراً موفقاً. وكان للسكرتيرة السيدة سميرة بلعيد التي عملت
معي لما يزيد على 15 سنة في الشركة المغلقة المذكورة أعلاه، دور كبير في
تحقيق وبلورة هذا المشروع. وتم إصدار العدد الأول في صيف 2004 كما أسلفنا،
جنباً إلى جنب مع الموقع الألكتروني باللغة الفرنسية.
طبعة أسبانية
وفي ضوء ما جاء أعلاه، صممنا على التوسع في الإصدار باللغات العالمية، فجاء
قرار إصدار المجلة باللغة الأسبانية حيث صدر العدد الأول منها في بداية
سنة 2005 وقد بدأ الدكتور أدريس بو يسف الركاب الأستاذ في جامعة الرباط.
والتحقت بالركب الأسباني السيدة وفاء الدوهري الأستاذة بالتعليم الثانوي في
الدار البيضاء لإعداد النشرة الإخبارية الأسبوعية الأسبانية على موقع
السياحة الإسلامية.
طبعة ألمانية
لقد كان الدكتور علاء الحمارنة، الأستاذ بجامعة ماينز الألمانية، من
المساهمين في رفد المجلة بمقالات ٍقيمة منذ العدد 14 وبدون مقابل. وكان
لمقالاته دورها في إغناء المجلة وإعطائها طابعا علميا أكاديميا. وقد
تطارحنا معه فكرة إصدار طبعة ألمانية/عربية من مجلة السياحة الإسلامية أسوة
بأخواتها في اللغات الأخرى، فتم التوافق والحماس لهذه الفكرة فرشح الدكتور
الحمارنة زميلاً له وهو السيد يوهان باردونغ ليقوم بترجمة وإدارة النسخة
الألمانية/العربية، وتكوين موقعها باللغة الألمانية وتم قبول المقترح من
قبل الناشر وتهيأ الجميع لتكوين الموقع وإصدار العدد الأول الألماني في
بداية 2006.
هكذا سارت مركبات اللغات في قطار الإعلام المهني السياحي حيث تمتع في هذه
الأسفار العاملون والمتعاملون بهذه المعلمة الإعلامية. وشكري وتقديري لكل
من ساهم في قيام هذه المجلة ودعمها خلال رحلتها الموفّقة.
ختاماً، إن الدول التي يجيد العديد من رعاياها تعلم اللغات، بشرط أن لا
يكون ذلك على حساب اللغة الأم، هي الدول التي تعتبر متقدمة حضارياً، حيث إن
كل فرد، باكتسابه لغة إضافية، يكتسب علوم الشعوب الأخرى.
وآمل من الدول العربية والإسلامية أن تسخّر جامعاتها ومعاهدها لتخريج
الأجيال القادمة بأكثر من لغة، حتى المحلية منها، وتشجعهم على السياحة
والسفر في سنين مبكرة، وخاصة العاملين في السلك الدبلوماسي والعاملين في
المواقع السياحية، وبذلك نُدخل دولنا وشعوبنا في أوسع باب من أبواب عولمة
السياحة.
والله ولي التوفيق.
عبد الصاحب الشاكري
"السياحة الإسلامية" ولتصدر المجلة بخمس لغات، هي العربية والإنكليزية
والفرنسية والأسبانية والألمانية. وسيسبقها في ذلك موقعها الألكتروني في
النشرة الإخبارية الأسبوعية حيث ستضاف نشرة إخبارية جديدة بالألمانية، بعد
أن صدرت باللغات الأخرى. لا بد للقارئ المتأمل وخاصة من ذوي الاختصاص
والاهتمام في المجالات التراثية والحضارية والعلمية والاقتصادية والإعلامية
أن يتساءل كيف تكونت الفكرة وكيف نفّذت ووصلت إلى ما وصلت إليه: أن تصدر
مجلة مهنية سياحية ثقافية تراثية اقتصادية عالمية الاهتمام والنشر بلغات
خمس، والقطار سائر بعون الله ولم يقف عند هذا العدد فقط، وهي رائدة في
اسمها وهيكلتها ومعانيها ولغاتها وغيرها مما تنفرد فيه.
ومجلة السياحة الإسلامية كما جاء أعلاه ليست كل شيء بل هي الماكنة التي تجر
خلفها سلسلة من العربات، كل عربة منها محملة بأفق جديد من آفاق الإعلام
والإعلان المبتكرة. ويأتي على رأسها موقعها الألكتروني الذي تميّز بتفرع
أبوابه للإجابة على كل سؤال في حقول السياحة والسفر العالمية، بالإضافة إلى
كونه واسطة للتعريف بالمعالم السياحية في مختلف دول العالم ونشر الأخبار
الأسبوعية لكل ما يحدث في عوالم السياحة بخمس لغات أيضاً والتي هي في مطبخ
البحث والإعداد لها من قبل الناشر ورئيس إدارة شركة TCPH Ltd والقائمين
بتنفيذها.
وصدور مجلة السياحة الإسلامية كان مفاجأة لكل ذي بصيرة واهتمام وموضع
تقدير، وكانت أيضاً محل اعتزاز وافتخار الناشر، لأنها حققت له هذه الأمنية.
وقد برزت بلغتين متساويتين وبحلتها المتطورة التي هي الآن بين أيديكم.
ويمكن الاطلاع على جميع الأعداد، من أول عدد والذي صدر في خريف 2001 إلى
آخر عدد، على موقع المجلة الإلكتروني مجاناً www.islamictourism.com .
في صيف 2004 كانت المفاجأة الثانية حيث صدر العدد الثاني عشر أيضاً بنفس
الحلة باللغة الفرنسية والعربية، وبعد نجاح التجربة الثانية لم تعد مفاجآت
بل كان المطلوب هو الإقدام والجد في السير على هذا الطريق. ونتيجة لذلك،
ومنذ بداية سنة 2005 صدرت المجلة باللغتين الأسبانية والعربية. وها إننا
الآن على أبواب السنة الخامسة من عمرها ونحن بانتظار إصدار السياحة
الإسلامية باللغتين الألمانية والعربية في بداية 2006 لتصبح بخمس لغات.
المغرب بداية الطريق
السؤال المهم كيف، ومن أين، بدأ إصدار مجلة مستنسخة من الطبعة الأصلية
العربي/ الإنكليزي لتستنسخ في طبعة فرنسية/عربية كما تستنسخ المخلوقات
اليوم؟
كان المغرب هو المكان والزمان والسبب في إصدار النسخة الفرنسية/العربية حيث
صدرت عشرة أعداد من المجلة باللغة العربية والإنكليزية، وكانت السوق
المغربية من أوائل الأسواق التي جهزت لها وكانت توزع في المكتبات مع القسم
العربي من المطبوعات الأخرى، حيث لا يوازي المعروض منها غير 10% من مجمل
المطبوعات المعروضة التي تعتمد اللغة الفرنسية فكان تقديري بأن لا مكان
للطبعة الإنكليزية من مجلتنا في هذه السوق، فلا بد من العمل على طبعة أخرى
فرنسية/عربية. وكان هذا يسيرا بالنسبة لي حيث إن تعرّفي على اللغات
الأجنبية له تاريخ طويل، وكان ذلك من أسباب تشجيعي على هذا العمل.
لقد بدأت رحلتي في تعلم اللغات منذ بداية الخمسينيات عندما التحقت بالمعهد
الأمريكي في بغداد، وكان موقعه قرب موقع محل عملي في باب الآغا. وكنت أترك
المحل، بالرغم من زخم إقبال الزبائن خلال تلك الساعات، كي أحضر دروس تعلم
الإنكليزية، إلى أن تمكنت من المخاطبة والقراءة وشيء ما من الكتابة بها.
وقد تعلمت أيضا شيئا من اللغات الشرقية، فقد زرت إيران ثلاث مرات لقضاء
فترة الصيف في 1949، 1953 و1968 وقد أكسبتني هذه السفرات شيئا من اللغة
الفارسية حيث إنها قريبة من اللغة العربية بالإضافة إلى توفر فرص ممارستها
في ذلك الوقت.
وكان اكتشافي الأكبر للغات ولقابليتي في تعلمها عندما بدأت زياراتي إلى
أوربا، منذ نصف قرن، حيث تلقيت سنة 1955 دعوة من شركة باير Buyer الألمانية
لدورة تدريبية في كيمياء صناعة المطاط لمدة ثلاثة أشهر. ومن ثم أخذت
الزيارات تتوالى وفترات الإقامة فيها تطول وتتطور وذلك لما تتطلبه أعمالي
الصناعية ومتابعاتي العلمية لتطوير مشاريعي في العراق. وكان حضور معارضها
المتخصصة وغيرها من الاتصالات لمقرات الشركات وورش عملها يحتاج إلى التخاطب
باللغتين الإنكليزية، التي تعلمتها سلفا، والألمانية التي بدأت بتعلمها في
المعاهد اللغوية المسائية وخلال علاقات العمل والعلاقات الشخصية.
لقد شجعني تعلم مفردات الكثير من اللغات الأخرى التي تكثر زياراتي لبلدانها
للتعامل معها في حقل عملي والتمتع بمعالمها وحضاراتها، وهي الإيطالية
والفرنسية والتشيكية مما سهل عليّ الحياة والتمتع في مختلف الدول، كما كان
للغات أفضل الأثر في نجاحي في حياتي العملية. أما اليوم فيمكنني القول أنني
أتمكن من التخاطب باللغات التالية: العربية والإنكليزية والألمانية
والفارسية.
ومما زاد في ممارستي للغات، هو خبراتي وتجاربي في الإعلام المهني حيث كنت
أصدر مجلتين مهنيتين عالميتين، هما "الحذاء" التي تعنى بالصناعات الجلدية
والأحذية، و"الرداء" التي تعنى بصناعات الغزل والنسيج والملابس، وكل واحدة
منهما كانت تطبع باللغتين العربية والإنكليزية، وكان لهما حضور متميز في
المعارض الدولية في اختصاصيهما.
ونتيجة لما جاء أعلاه صار لدي ولع في اللغات حيث قمت بإعداد وتمويل وترجمة
القاموس الدولي للجلود بست لغات، حيث أضفنا عليه اللغة العربية. وتعداد
كلمات هذا القاموس يناهز 5,500 كلمة.
اللغات والسياحة
ما هو دور وأثر هذه اللغات في تمتعي بأوقاتي السياحية؟
كنت عندما أنتهي من إنجاز أي عمل ولدي فراغ، أو خلال عطلات نهاية الأسبوع،
أبحث عن موقع سياحي أو مهرجان أو سفرات قصيرة في أيٍّ من الدول التي
أزورها. وكانت اللغات التي أعرفها، أو مفرداتها، تعطيني الشجاعة والثقة في
التخاطب مع الآخرين والتعرف على حياة هذه الشعوب ومجتمعاتها والتحسس
بمشاعرها، كما أنها تمكنني أيضا من التعبير عما أريد أن أقوله.
ومن اهتمامي باللغات قمت باصطحاب ولدي حيدر الذي كان يبلغ في حينها حوالي
12 سنة وقمت بتسجيله في دورات اللغة الفرنسية في إحدى قرى التعليم في فرنسا
خلال عطلات الصيف ولعدة سنوات.
الكفاءات
ومن العوامل الأخرى التي ساعدت على إصدار العدد الثاني باللغة العربية
والفرنسية هو توفر الكفاءات لدى القائمين على إصدار المجلة وتكوين موقعها
الألكتروني، وعلى رأسهم رئيس التحرير الدكتور عبد الرحيم حسن، والسيد رسول
الشهرستاني الاختصاصي في برامج المواقع الإلكترونية والسيدة إيمان عباس
التي تقوم بأعمال سكرتارية المكتب الرئيسي والمتابعة. وهناك العديد من
الممثلين والمشاركين المتطوعين في إغناء مواضيع المجلة وموقعها بالبحوث
والأخبار، لا سيما الآنسة كارين دابروفسكي التي تساعد في تحرير القسم
الإنكليزي والنشرة الأسبوعية بتلك اللغة.
ومن العوامل الفنية التي ساعدت في ذلك هو تجاوب ودور الأستاذ جوزيف الرعيدي
والعاملين معه في التصميم والطبع، وبالخصوص السيدين إلياس نحاس وميشيل أبو
عودة. وقد ذللوا كل الصعاب الفنية التي تعترض السير في هذا البناء اللغوي
العالمي المبتكر.
ومن العوامل المهمة أيضا، الحضور الدائم للمجلة وممثليها، وعلى رأسهم
الأستاذ معتز عثمان، في المعارض الدولية المتخصصة في السياحة والسفر والتي
تتجاذب في أطرافها مختلف اللغات، ممثلة بالدول المشاركة في هذه المعارض.
وأهم عامل من العوامل التي جعلتني أقوم بهذه المغامرة هو وجود مكتب كبير
ومنزل لي في أهم منطقة من مناطق وسط الدار البيضاء وهما من مخلفات فشلي في
مشروعي الصناعي الكبير المغلق الذي كان معروفاً بمنتجاته لكل صغير وكبير في
المغرب وجاوز حدود المغرب بمنتجاته، والذي كلفني خسائر كبيرة ومعاناة لا
توصف مما أثر في حياتي وتفكيري وجعلني أنفر من كل عمل وتعامل يعتمد المادة
والربح أساساً للنجاح. وكانت تسليتي الوحيدة هي هذه المجلة وبعض الكتب التي
كتبتها، فكيف لا أجعل منهما مناي وآمالي، حيث خطوت خطوات جريئة قبلها في
حقل الإعلام المهني الصناعي. وقد جعلت من المغرب وطنا آخر لي وامتزجت مع
آمال وطموحات أبناء شعبه العزيز، فتسعدني أفراحهم وتحزنني آلامهم. وفي
المغرب تتوفر الكفاءات في اللغة الفرنسية وغيرها.
طبعة فرنسية
وقد لعبت العوامل المذكورة أعلاه دوراً كبيراً في اتخاذ قراري بإصدار مجلة
السياحة الإسلامية باللغة الفرنسية/العربية كمجلة ثانية جنباً إلى جنب مع
أختها الإنكليزية/العربية. وقد قمت بالإعلان في الصحف المحلية عن الحاجة
إلى مترجم، فجاء عدد من الردود، ووقع الاختيار على أول المتصلين السيد نور
الدين سعودي الأستاذ في المعاهد العالية في الدار البيضاء وتم اختياره بدون
تردد وكان اختياراً موفقاً. وكان للسكرتيرة السيدة سميرة بلعيد التي عملت
معي لما يزيد على 15 سنة في الشركة المغلقة المذكورة أعلاه، دور كبير في
تحقيق وبلورة هذا المشروع. وتم إصدار العدد الأول في صيف 2004 كما أسلفنا،
جنباً إلى جنب مع الموقع الألكتروني باللغة الفرنسية.
طبعة أسبانية
وفي ضوء ما جاء أعلاه، صممنا على التوسع في الإصدار باللغات العالمية، فجاء
قرار إصدار المجلة باللغة الأسبانية حيث صدر العدد الأول منها في بداية
سنة 2005 وقد بدأ الدكتور أدريس بو يسف الركاب الأستاذ في جامعة الرباط.
والتحقت بالركب الأسباني السيدة وفاء الدوهري الأستاذة بالتعليم الثانوي في
الدار البيضاء لإعداد النشرة الإخبارية الأسبوعية الأسبانية على موقع
السياحة الإسلامية.
طبعة ألمانية
لقد كان الدكتور علاء الحمارنة، الأستاذ بجامعة ماينز الألمانية، من
المساهمين في رفد المجلة بمقالات ٍقيمة منذ العدد 14 وبدون مقابل. وكان
لمقالاته دورها في إغناء المجلة وإعطائها طابعا علميا أكاديميا. وقد
تطارحنا معه فكرة إصدار طبعة ألمانية/عربية من مجلة السياحة الإسلامية أسوة
بأخواتها في اللغات الأخرى، فتم التوافق والحماس لهذه الفكرة فرشح الدكتور
الحمارنة زميلاً له وهو السيد يوهان باردونغ ليقوم بترجمة وإدارة النسخة
الألمانية/العربية، وتكوين موقعها باللغة الألمانية وتم قبول المقترح من
قبل الناشر وتهيأ الجميع لتكوين الموقع وإصدار العدد الأول الألماني في
بداية 2006.
هكذا سارت مركبات اللغات في قطار الإعلام المهني السياحي حيث تمتع في هذه
الأسفار العاملون والمتعاملون بهذه المعلمة الإعلامية. وشكري وتقديري لكل
من ساهم في قيام هذه المجلة ودعمها خلال رحلتها الموفّقة.
ختاماً، إن الدول التي يجيد العديد من رعاياها تعلم اللغات، بشرط أن لا
يكون ذلك على حساب اللغة الأم، هي الدول التي تعتبر متقدمة حضارياً، حيث إن
كل فرد، باكتسابه لغة إضافية، يكتسب علوم الشعوب الأخرى.
وآمل من الدول العربية والإسلامية أن تسخّر جامعاتها ومعاهدها لتخريج
الأجيال القادمة بأكثر من لغة، حتى المحلية منها، وتشجعهم على السياحة
والسفر في سنين مبكرة، وخاصة العاملين في السلك الدبلوماسي والعاملين في
المواقع السياحية، وبذلك نُدخل دولنا وشعوبنا في أوسع باب من أبواب عولمة
السياحة.
والله ولي التوفيق.
عبد الصاحب الشاكري
- MONO! ஜ .¸¸ ﬗm عضو فضىmﬗ ¸¸. ஜ
عدد المساهمات : 1249
نقاط : 50318
النشاط : 0
العمر : 30
رد: اللغات وعولمة السياحة
الجمعة أغسطس 12, 2011 5:33 pm
موضوع رائع
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى