الدولة والكنيسة لطارق البشرى 18 مايو 2011 على موقع شباب على طول
الخميس مايو 19, 2011 8:32 am
الدولة والكنيسة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
في ظل الظرف الحرج الذي تواجهه مصر هذه الأيام فقد نكون في حاجة ملحة لأن
نسمع صوت العقل الذي يمثله المفكر الكبير طارق البشري. فالرجل بخبرته
وموقعه واهتماماته الفكرية يعتبر من أقدر الأطراف علي تقديم تشريح وافٍ
وكافٍ لطبيعة الأزمة التي نواجهها.. ليس علي صعيد اللحظة أو الحدث
الحالي وانما جذور القضية وتطوراتها والأبعاد التي تطورت اليها. فقد أثري
البشري هذه القضية بكتاباته المتنوعة والمختلفة والتي يأتي علي رأسها
كتاب »المسلمون والأقباط في إطار الجماعة الوطنية« ثم كان كتابه عام
2005 حول الجماعة الوطنية.. العزلة والاندماج.
وأخيراً يأتي كتابه الثالث »الدولة والكنيسة« ويحاول من خلاله ـ
علي مايذكر ـ أن يجمع ما يظنه طرأ علي العلاقة بين الدولة في مصر وبين
إدارة الكنيسة القبطية في السنوات الأخيرة بمراعاة التمثيل المؤسسي للجماعة
الوطنية والظهور المؤسسي للكنيسة كمؤسسة تنشد التعبير عن الأقباط في الشأن
الديني الاعتقادي وحده.
والكتاب عبارة عن مجموعة من الدراسات نشرها المؤلف في عدد من الصحف
والدوريات المصرية علي مدي سنوات العقد الأخير، في دراسته الأولي حول
الإدارة الكنسية بين الجماعة الوطنية ونظام الملة يعرض البشري لمجموعة من
الوقائع التي تكشف عن تحول في موقف الكنيسة بشأن علاقتها بالدولة تخالف مع
ما درج عليه الأمر وتؤشر لتحول بشأن وضع الأقباط كجزء مكون رئيسي من
الجماعة الوطنية، ومن الأمثلة الواضحة التي يراها المؤلف معبرة عن وجهة
نظره الحكم الذي أصدرته الكنيسة الأرثوذكسية في مارس 2008 باستخراج
تصريح زواج لشخص مسيحي مطلق، الأمر الذي رفضته الكنيسة وهو ما يراه
البشري خروج الدولة قضاء وقانوناً بما تمثله الدولة من تعبير عن الجماعة
الوطنية وهو خروج علي الشرعية السائدة في المجتمع بمعني أن القول السابق
من شأنه أن يخرج الكنيسة بإرادتها من الخضوع للدولة ممثلة الجماعة
الوطنية.
ومن خلال النماذج التي يقدمها يشير المؤلف الي ما يعتبره يفيد
بظهور إرادة سياسية لدي الإدارة الكنسية تواجه بها سلطة الدولة وتحل محلها
في شأن الأقباط الأرثوذكس في مصر، موضحاً أنه في ذلك لا يتجادل في
أمر لا يتعلق بعلاقة مسلمين بأقباط وإنما يتجادل حول شمول الجماعة
المصرية لكل مشتملاتها ورفض أن يوجد في هذه الجماعة ما يفرز عناصر منها
عن جمعها كله من حيث كونها جماعة سياسية.
ومن خلال عرض المزيد من النماذج يوضح البشري أن سياسة الكنيسة القبطية في
هذه المرحلة تبدو لا تقوم علي دمج القبط في الجماعة الوطنية المصرية وإنما
علي فرزهم ليصيروا شعباً لها لا بالمعني الديني المتحقق فعلاً ولكن
ايضاً بالمعني الدنيوي الحياتي المتعلق بتشكيل جماعة سياسية ليست منفصلة
ولكنها متميزة ومنعزلة تشكل الكنيسة واسطة بينها وبين الدولة المصرية وبين
عموم المصريين وتكون متشكلة من جموع الأقباط في مصر تخضع لهيئة مؤسسية
وحيدة هي الكنيسة أو الإدارة الكنسية كهيئة متميزة عن الوظيفة الدينية
للكنيسة.
ويخلص المؤلف من ذلك الي ان هذا الوضع يعود بنا الي نظام الملة الذي عرفه
المجتمع الإسلامي قديماً علي أساس ان طائفة ما هي التي تدير شئون نفسها
بواسطة من تراهم من رجالها حسب التنظيم الداخلي الذي تفرضه عليهم الاعراف
المتبعة لديهم، ومأخذ البشري علي هذا التحول هو انه يقوض ما يصفه
بجهاد تاريخي ـ من قبل المسلمين والمسيحيين ـ علي طول القرنين التاسع عشر
والعشرين لتجاوز مثل هذا النظام وانشاء الجماعة الوطنية المصرية بما يكون
لدولتها من هيمنة علي جميع المواطنين بها وبالتساوي في المعاملة سواء في
الشئون الخاصة أو الشئون العامة.
وفي دراسة ثانية بعنوان الكنيسة والانعزال القبطي يشير البشري الي بعض
المواقف التي يدعو علي أساسها الي تناول نقدي موضوعي لكافة قضايا التوتر
الطائفي في مصر قائلاً إنه عندما يرد الحديث عن مثل هذا الجانب فإنه يذكر
من الاسباب ما ظهر وما بطن وما كبر وما صغر ما علا وما هبط ولكن لا يذكر
ابداً اثر الفعل الكنسي في الحادثة الحاصلة أو في المناخ الطارئ ودائماً
هذا الجانب مسكوت عنه، بل يكاد يكون متجنباً طرقه وعلينا حسب
المؤلف لكي نفهم الأوضاع جيداً ان ننظر فيه بموضوعية وجدية وبعيداً عن
الإثارة ولكنه لا يجوز ان يكون محجوباً عن النظر ولا ان يكون بعيداً
عن مجال البحث والجدل.
والهاجس الذي يبقي ملحاً علي المؤلف هنا هو الخوف من أن تولد العزلة
الغربة والوحشة وإثارة مسائل الخلاف وبخاصة الخلاف العقيدي، فهو يفضي
الي التمييز ثم الي الفرز والتجنيب ثم الي الاستقطاب، الأمر الذي يري
ان السياسات المتبعة تفضي اليه الآن وهي ستفضي اليه حتماً إن بقيت كذلك.
وفي تناول لنماذج من القضايا الخلافية يتطرق البشري الي قضية تطبيق
الشريعة فيشير الي انها ومبادئها ليست غريبة ولا بعيدة عن أقباط مصر وقد
طبقت علي المصريين جميعاً منذ دخل الإسلام مصر في النصف الأول من القرن
الأول الهجري.
وعلي خلفية هذا الفهم فإنه يعبر عن تصوره بأن المادة الثانية من الدستور
لازمة بصيغتها الحالية لتحقق الإسناد الشرعي الإسلامي لمبدأ المساواة
التامة بين المواطنين المسلمين والمسيحيين في تولي الوظائف العامة
والمشاركة الكاملة في ممارسة الولايات المتحدة وفي تولي المناصب ذات الشأن
العامة من قيادات الأعمال والقضاء والإدارة وغير ذلك، مؤكداً أن مبدأ
المواطنة يجد دعامته المستقاة من أحكام الشرع الاسلامي بموجب المادة
الثانية، ومن النقاط الجديرة بالاعتبار هذا عرضه الذي يؤكد انها مادة
لم يضعها الرئيس السادات من عنده ليكسب شعبية زائفة ولا كانت نصاً مصطنعاً
ليدغدغ به عواطف الجهلة.
قد تحظي هذه الرؤية بالاتفاق وقد يعترض عليها البعض، وهو أمر طبيعي، غير
انها تشكل أساساً ينبغي البناء عليه في تحديد أحد أبعاد التوترات
الطائفية التي تزايدت في مصر خلال الفترة الأخيرة وآخرها أحداث امبابة
والتي تمثل امتداداً بشكل أو بآخر لأسباب أحداث أخري مماثلة، وفي ضوء
الأمر الذي يتفق عليه الجميع من نزاهة صاحبها وموضوعية آرائه وإخلاصه
لقضية وطنه، ما قد يكون مسوغاً للانتباه الي مضمون الكتاب والرؤي
التي يطرحها.
رد: الدولة والكنيسة لطارق البشرى 18 مايو 2011 على موقع شباب على طول
الأحد يوليو 31, 2011 1:31 am
ثانكس ع التوبيك
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى