حق المرأة فى العلــــــــــــم

الخميس أبريل 01, 2010 7:42 pm

كرم الإسلام المرأة بتحصيل العلم بعد أن كانت مهملة في هذا الشأن وكلفها كالرجل ؛ وعليها طلب العلم الذي ينفعها في دينها ودنياها . وإذ نقرأ قوله تعالى " وقل ربي زدني علماً "(1) . ونسمع قول الرسول الكريمۖ" طلب العلم فريضة على كل مسلم "(2) فندرك أن هدى القرآن والسنة تشمل الرجل والمرأة على حد سواء ، وأنها تساوي الرجل في علوم فرض العين وعلوم فرض الكفاية منذ وجد العلم في المجتمع الإسلامي .

لقد أدركت المرأة المسلمة قيمة العلم منذ الأيام الأولى للإسلام فقالت نساء الأنصار للرسول الكريمۖ: " إجعل يوماً من نفسك نتعلم فيه فقد غلبنا عنك الرجال ، فقال لهن : موعدكن دار فلانة ، فأتاهن فيها فوعظهن وذكرهن وعلمهن "(3).

ولم تكن المرأة في جيل الصحابة الفريد تتردد في إستيضاح الحكم الشرعي من النبي المشرعۖمباشرة السؤال بنفسها عما ينزل بها إن ارتابت بفتوى أحد من الناس أو لم تقتنع بصحة فتواه ، فكانت تتحرى الدقة في فهم المسألة حتى تصل إلى التعيين ؛ وهذا شأن المرأة الذكية الواعية الفطنة الحصيفة . وقد تجلى هذا كله في صنيع الصحابية "سبيعة بن حارث الأسلمية " إذ كانت تحت " سعد بن خولة " وهي من بني عامر بن لؤي ؛ وكان ممن شهد بدراً فتوفي عنها في حجة الوداع وهي حامل فلم تنشب(4) أن وضعت حملها بعد وفاته . فلما نقلت من نفاسها(5) تجملت للخطّاب ، فدخل عليها "أبو السنابل بن كعك " فقال لها : مالي أراك تتجملين للخطاب ترجين النكاح ؟ فإنك والله ماأنت بناكح حتى تمر عليك أربعة أشهر وعشر ، قالت سبيعة : فلما قال لي ذلك جمعت على ثيابي حين أمسيت وأتيت رسول الله ۖ فسألته عن ذلك ، فأفتاني بأني قد حللت حين وضعي حملي ، وأمرني بالزواج إن بدا لي (6).

ولقد كان لدقة سبيعة في استيضاح الحكم الشرعي وتحري التعيين فيه فضل وخير وبركة وفائدة لالسبيعة نفسها فحسب بل للمسلمين قاطبة ، إذ أخذ بحديثها جماهير العلماء من السلف والخلف وعلى رأسهم الأئمة الأربعة فقالوا : عدة المتوفي عنها زوجها بوضع الحمل ، حتى لو وضعت بعد موت زوجها بلحظة قبل غسله ، انقضت عدتها وحلت في الحال للزواج (7) .
لقد أوجب الإسلام على المرأة طلب العلم كما أوجبه على الرجل ، إذ قال رسول الله ۖ "طلب العلم فريضة على كل مسلم " أي على كل إنسان مسلم نطق بالشهادتين سواء كان رجلاً أو إمرأة ، فلا غرو أن نجد المرأة المسلمة تواقة إلى العلم مقبلة عليه ، مهتمة بتفهم مسائله . والمرأة المسلمة الواعية تدرك أهمية تحليها بالعلم النافع وأثره في شخصيتها وأولادها وأسرتها ومجتمعها ، فتقبل عليه بنفس راغبة مطمئنة متعطشة إلى الحصول على ماينفعها منه في دينها ودنياها.

ماينبغي على المرأة المسلمة تعلمه وإتقانه :
وأول ماينبغي للمرأة المسلمة الواعية تعلمه وإتقانه هو كتاب الله تعالى : تلاوة وتجويداً وتفسيراً ثم بعلوم الحديث والسيرة وأخبار الصحابيات والتابعيات من أعلام النساء وتطلع على مايلزمها من أبحاث الفقه لإقامة عباداتها ومعاملاتها ومعرفة دينها على أساس قويم .

ثم تلتفت بعد ذلك إلى إختصاصها الأساسي في الحياة الذي جبلت عليه وهو التعهد القويم لبيتها واسرتها وأولادها وهي التي ألقى عليها الإسلام مسؤولية كبرى في تربية الأجيال . ومن هنا كثرت الأقوال في هذا العصر مجسدة أثر المرأة في نجاح الزوج والأولاد في حياتهم العملية . ومن هذه الأقوال : "فتش عن المرأة " ووراء كل رجل عظيم إمرأة " ..إلخ ؛ والمعنية بذلك هي كل امرأة منفتحة العقل ، مستنيرة الذهن ، قوية الشخصية ، زكية النفس ، رقيقة الخلق . ومن هنا كانت بحاجة إلى مزيد من التربية والتعليم والتسديد والتوجيه في تكوين شخصيتها المسلمة المتميزة .
وليس من الضروري أو الإلزام أن يكون تعليمها وثقافتها كتعليم الرجل وثقافته في كل شيء ، بل أن هناك أمور تختص بها المرأة ولايستطيع الرجل أن ينهض بها ، وأمور يختص بها الرجل ولا تستطيع المرأة أن تنهض بها ، أو أن هناك أمور خلقت لها المرأة وأمور خلق لها الرجل ، وكل ميسر لما خلق ، كما جاء في الهدي النبوي الحكيم .

والمرأة المسلمة عندما تتجه إلى التعلم والإختصاص تضع نصب عينيها هدى الإسلام العظيم في تكوينها العقلي والنفسي والإجتماعي بحيث يؤهلها تعلمها للقيام بالمهمة الأساس التي خلقت من أجلها وبحيث تغدو شخصية واعية منتجة بناءة في إسرتها ومجتمعها وأمتها ، لانسخة مماثلة للرجل تزاحمه في عمله وتحتل مكانه في أوساط الرجال كما نرى في المجتمعات التي لاتفرق في مناهج التعليم وقوانين التوظيف بين الرجل والمرأة .

وأياً كانة تخصص المرأة العلمي فيجب أن تحرص على إتقانه والتمكن من منه وتأديته على الوجه الأكمل عملاً بهدي الرسول الكريم " إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه " (8).
.................................................................................................... ..